هل أفكار الوسواس القهري حقيقية؟ واحد من الأسئلة التي تراود الكثير من الأشخاص ويرغبون بمعرفة إجابة شافية وواضحة عنها.
يعد الوسواس القهري أحد الأمراض والاضطرابات النفسية القائمة على أفكار وتصرفات مكررة وغير مفهومة.
حيث يقوم المريض بإرجاع الأفكار والأحاسيس أو التخيلات الذهنية (الوساوس) مراراً وتكراراً، وبشكل خارج عن إرادته.
أو تحت دوافع إجبارية من دون القدرة على التحكم بها، وغالباً ما تسبب هذه الهواجس والتصرفات القهرية مخاطر مدمرة على حياة الشخص اليومية.
ومن خلال هذا المقال سنحاول الإجابة على تساؤلاتكم العديدة حول اضطراب الوسواس القهري. علنا نوفق في تقديم ما هو مفيد لكم.
هل أفكار الوسواس القهري حقيقية؟
بداية الوسواس القهري يعرف باسم الاضطراب الوسواسي القهري، وهو نمط من الاضطرابات المرتبطة بالقلق والتوتر. وتلك الحالة تنفرد بالمخاوف والأفكار الغريبة وغير المنطقية التي ينتج عنها قيام الشخص ببعض التصرفات القسرية.
في بعض الأوقات يكون المصاب باضطراب الوسواس القهري واع لتلك التصرفات الوسواسية التي تتصف بعدم المنطقية، ولكنه يسعى في تغييرها أو يتجاهلها بشكل كامل، لكن محاولات السعي والرغبة تلك قد تزيد من شعور القلق.
وللإجابة على السؤال المطروح بداية وهو هل أفكار الوسواس القهري حقيقية؟ فإن الإجابة هي نعم، حقيقية.
وتلك التصرفات القهرية يقوم بها المصاب بها بشكل قسري من أجل التخفيف من الضائقة.
وغالبا ما يكون الوسواس القهري منحصرًا في نوع معين، مثل النظافة حيث الخوف من البكتيريا والجراثيم العدوى منها.
ولذلك لكي يشعر المصاب بالوسواس القهري أنه بالأمان يقوم بغسل أيديه بصفة مستمرة قهرية، مما قد يؤدي إلى الإصابة ببعض الندبات أو الجروح في اليد.
وفي عصرنا الحالي يسبب الوسواس القهري الإصابة في الكثير من الأمراض والمشاكل النفسية.
فهو في أغلب الأحيان يبدأ في سن مبكر لدى الشخص حيث مراحل الطفولة أو المراهقة، خاصة بدايةً من سن العاشرة. ولكن لدى البالغين فإنهم يصابون بالوسواس القهري في أي سن.
قد يهمك أيضاً: علاج الضغط المنخفض وأبرز الأسباب والأعراض المرافقة له
أعراض الإصابة بالوسواس القهري
تسيطر على الشخص المصاب بهذا المرض النفسي مجموعة من الأعراض والتصرفات الغريبة.
وهذه التصرفات التي تظهر على المريض هي بمثابة تفريغ لما يعاني منه من وساوس تجعله في حالة قلق وتوتر دائم.
وتقسم هذه الأعراض والعلامات إلى:
أفكار وهواجس وسواسية:
ومن أهم هذه الأفكار الوسواسية ما يلي:
- أفكار غريبة وغير مفهومة أو مقبولة حول قضايا حياتية يومية.
- خوف مبالغ فيه من الجراثيم والعدوى، أو التلوث بشكلٍ عام.
- أفكار عدوانية تجاه الذات، وكذلك تجاه الآخرين.
- التأكيد على ضرورة بقاء الأشياء في مكانها بشكل مرّتب ومتناظر.
دوافع قسرية وقهرية:
أما أبرز الدوافع القهرية فهي كالتالي:
- الحرص الزائد على ترتيب الأشياء بكل دقة ومثالية.
- الاهتمام بالنظافة الفائقة والخارجة عن المألوف، ومن أبرزها غسل اليدين بشكل مستمر.
- التحقق المتكرر من أمور معينة، كالتأكد من كون النافذة، أو الباب مغلق بشكل محكم ودائم.
- العد القهري
أسباب الوساوس القهرية
في الحقيقة لا توجد مسببات معينة ومحددة للوسواس القهري.
وإنما حدوثه عائد لعوامل مختلفة، سوف نتعرّف عليها فيما يلي:
أسباب وراثية:
حتى الآن لم يتم تحديد مورثات معينة مسؤولة عن هذا الاضطراب النفسي.
لكن وبالرغم من ذلك فقد أكدت العديد من الدراسات أن إصابة فرد من العائلة بهذا الاضطراب القهري سوف يؤدي إلى زيادة فرصة الإصابة به لأحد أبنائه، أو من يقربه بصلة الدم.
قد يهمك أيضاً: حساب السعرات الحرارية اليومية بخطوات سهلة وبسيطة
أسباب سلوكية للوسواس القهري:
يؤثر سلوك الإنسان تأثيراً واضحاً وكبيراً على نمو شخصيته وتبلورها.
كما أن التعلق بنمط معين من السلوك والمواظبة عليه سوف يؤدي مع الوقت إلى الإصابة بالوساوس القهرية.
كذلك فإن التصرف السليم للتخلص من الهواجس هي مواجهتها والتغلب عليها.
وهذا ما يعاني منه مريض الوسواس القهري.
فبدلاً من تحدي مخاوفه ومواجهتها، فإنه يحاول تجنبها أو مسايرتها.
مما يجعلها ترافقه في حياته وسلوكه، ولا يستطيع التخلص منها.
أسباب مناعية:
تقوم إحدى مجموعات الجراثيم التي يطلق عليها اسم المكورات العقدية المقيحة بإحداث مشاكل وظيفية في النوى القاعدية في الدماغ.
وهذا له تأثير واضح على سلوك الشخص ونفسيته، وبالتالي حدوث الهواجس القهرية وتكرارها لديه.
مسببات الخطر
تشمل الأسباب التي قد تزيد من خطر الإصابة باضطراب الوسواس القهري ما يلي:
- التاريخ العائلي المرضي: إن إصابة أحد الوالدين أو أفراد الأسرة الآخرين بالاضطراب قد يزيد من خطر الإصابة باضطراب الوسواس القهري
- روتين الحياة اليومية المتوترة: إذا تعرض الشخص لصدمة نفسية أو أحداث مسببة للتوتر، فقد تزداد مخاطر إصابته. وقد يؤدي رد الفعل هذا، لسبب ما، إلى إثارة الأفكار والطقوس الروتينية والاضطرابات العاطفية التي تميز اضطراب الوسواس القهري.
- مشاكل الصحة العقلية الأخرى: قد يكون اضطراب الوسواس القهري متصلاً بأحد اضطرابات الصحة العقلية الأخرى، مثل اضطراب القلق أو الاكتئاب أو معاقرة المخدرات أو الكحول أو اضطرابات العَرّة (تقلص لاإرادي في عضلات الوجه).
مضاعفات الوسواس القهري
قد تتضمن المشكلات الناتجة عن الوسواس القهري، والتي تمثل مضاعفات خطيرة ومزعجة للمصاب ما يلي:
- تكرار أداء العادات والطقوس بشكل مفرط.
- الإصابة بمشكلات صحية، مثل التهاب الجلد التماسي الناتج عن غسل اليدين المتكرر
- صعوبة الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية
- اضطراب في العلاقات
- تدني جودة الحياة بشكلٍ عام
- الأفكار والسلوكيات الانتحارية
قد يهمك أيضاً: طريقة حساب الوزن المثالي للجسم بطرق مختلفة وبسيطة
متى يجب زيارة الطبيب لتشخيص أفكار الوسواس القهري؟
أفكار الوسواس القهري حقيقية كما، وليست مجرد مخاوف مفرطة بشأن مشاكل حقيقية في حياة الشخص المصاب بها أو الرغبة في تنظيف الأشياء أو ترتيبها بطريقة معينة.
وفي حال كانت الوساوس والدوافع القهرية تؤثر على نوعية حياة الإنسان، يجب عندها استشارة الطبيب المعالج وأخصائي الصحة العقلية.
التشخيص
قد تتضمن خطوات المساعدة في تشخيص اضطراب الوسواس القهري ما يلي:
- الفحوصات النفسية: يتضمن ذلك مناقشة أفكار الوسواس القهري للمصاب ومشاعره وأعراضه وأنماط سلوكه لتحديد ما إذا كان لديك هواجس أو سلوكيات قهرية تتعارض مع نوعية حياته. وقد يشمل ذلك التحدث إلى عائلته أو أصدقائه بعد موافقته طبعا.
- أسس تشخيص اضطراب الوسواس القهري: قد يستخدم الطبيب المعالج المعايير الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الذي نشرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي.
- الفحص البدني: قد يتم إجراء هذا الفحص للمساعدة في استبعاد المشاكل الأخرى التي قد تسبب أعراض الإصابة للتحقق من عدم وجود أي مضاعفات ذات صلة.
صعوبات التشخيص
يصعب أحيانًا تشخيص اضطراب الوسواس القهري لأن العلامات والتصرفات؛ يمكن أن تكون مشابهة لأعراض اضطراب الشخصية الوُسواسيَّة. أو اضطرابات القلق أو الاكتئاب أو الفصام أو اضطرابات الصحة العقلية الأخرى.
كما ومن الممكن أن يتعرض الشخص لكل من اضطراب الوسواس القهري واضطراب آخر في الصحة العقلية في الوقت نفسه. لذلك يجب أن يتعاون مع طبيبه الخاص حتى يتمكن من الحصول على التشخيص والعلاج المناسبين.
علاج تصرفات وأفكار الوسواس القهري
المعالجة النفسية:
يعتبر علاج الوسواس القهري علاجاً نفسياً بالمرتبة الأولى.
كما يعتمد على مقاومة المخاوف والهواجس وتحديها حتى لا تسيطر على الشخص فيخضع لها بالكامل.
يتم التركيز أيضاً على طريقة المعالجة السلوكية المعرفية، والتي حققت فعالية كبيرة في التخفيف من القلق والضغط النفسي الذي يعاني منه المريض.
وغالياً ما يكون العلاج على ثلاث مراحل تتضمن التقييم الأولي لوضع المريض وحالته.
ثم المباشرة بالعلاج وختاماً التقييم النهائي.
قد يهمك أيضاً: القيمة الغذائية للتمر بأنواعه.. ولماذا لا يمكننا أن نتخلى عنه؟
العلاج بالتحفيز المغناطيسي:
يعتبر التحفيز المغناطيسي علاجاً بديلاً وتكميلياً لاضطراب الوساوس القهرية وخاصة للبالغين.
وتتم المعالجة بتوجيه موجات كهرومغناطيسية بشكل مباشر على دماغ المريض، وبالأخص بالقرب من الجبهة.
حيث تعمل هذه الموجات على تنشيط الخلايا العصبية في الدماغ للتخفيف من الوساوس القسرية والقهرية عند المريض.
العلاج الدوائي للوسواس القهري:
تستطيع بعض الأدوية النفسية المساعدة في السيطرة على الهواجس والأفعال القهرية لاضطراب الوسواس القهري. لكن الأكثر شيوعًا هو تجربة مضادات الاكتئاب أولاً.
من مضادات الاكتئاب المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لمعالجة اضطراب الوسواس القهري ما يلي:
- كلوميبرامين (أنافرانيل) للبالغين وللأطفال من عمر 10 أعوام فأكثر
- فلوكسيتين (بروزاك) للبالغين وللأطفال من عمر 7 أعوام فأكثر
- فلوفوكسامين للبالغين وللأطفال من عمر 8 أعوام فأكثر
- باروكسيتين (باكسيل، بيكسيفا) للبالغين فقط
- سيرترالين (زولوفت) للبالغين وللأطفال من عمر 6 أعوام فأكثر
- لكن قد يصف الطبيب أدوية نفسية ومضادات اكتئاب أخرى.
قد يهمك أيضاً: زيت الحلبة وفوائده وآثاره الجانبية إلى جانب معلومات أخرى مفيدة
وفيما يلي بعض المسائل التي تجب مناقشتها مع الطبيب حول الأدوية الخاصة باضطراب الوسواس القهري:
اختيار دواء للوسواس القهري:
بصفة عامة، يكون الهدف هو السيطرة الفعالة على الأعراض بأقل جرعة ممكنة. ومن غير المعتاد تجربة العديد من الأدوية قبل العثور على دواء فعال. قد يوصي الطبيب بأكثر من دواء واحد للسيطرة الفعالة على الأعراض. يمكن أن يستغرق المصاب ملاحظة تحسن الأعراض من أسابيع إلى شهور بعد بدء تناول الدواء.
الآثار الجانبية:
جميع أدوية الأمراض النفسية لها آثار جانبية محتملة. لذا يجب على المصاب التحدث مع طبيبه بشأن الآثار الجانبية المحتملة وعن أي متابعة صحية لازمة أثناء تناول أدوية الأمراض النفسية. وإخبار الطبيب إذا في حال الشعور بأي آثار جانبية.
خطر الانتحار:
معظم مضادات الاكتئاب آمنة بشكلٍ عام، لكن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تشترط أن تحمل جميع مضادات الاكتئاب تحذيرات المربع الأسود، وهي أشد تحذيرات للوصفات الطبية. في بعض الحالات، قد تزداد الأفكار أو السلوكيات الانتحارية لدى الأطفال والمراهقين واليافعين تحت 25 عامًا عند تناول مضادات الاكتئاب، خاصةً خلال الأسابيع القليلة الأولى بعد بدء تناولها أو عند تغيير الجرعة.
التفاعلات الدوائية لعلاج الوسواس القهري:
عند تناول دواء مضاد للاكتئاب، يفضل إخبار الطبيب عن أي أدوية أخرى تُصرف بوصفة طبية أو أدوية متاحة دون وصفة طبية أوأعشاب أوأي مكمِّلات غذائية أخرى يتناولها المصاب. قد تقلل بعض مضادات الاكتئاب من فعالية بعض الأدوية الأخرى وتسبب ردود فعل خطرة عند تناولها مع بعض الأدوية أو المكمِّلات الغذائية العشبية.
التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب:
مضادات الاكتئاب ليست مسببة للإدمان، ولكن أحيانًا يمكن أن تؤدي إلى الاعتماد الجسدي (الذي يختلف عن الإدمان). لذلك، يمكن أن يسبِّب التوقف عن العلاج بمضادات الاكتئاب فجأة أو تفويت العديد من الجرعات أعراضًا مثل أعراض الامتناع عن التعاطي، ويسمى أحيانًا متلازمة الانقطاع. كما يجب عدم التوقف عن تناول أدوية المصاب دون التحدث إلى طبيبه، حتى في حال شعر بتحسُّن فقد يكون لديه انتكاس لأعراض اضطراب الوسواس القهري. لذا عليه التعاون مع طبيبه لتخفيض الجرعة تدريجيًا وبطريقة آمنة. والتحدث إليه عن مخاطر وفوائد استخدام أدوية معينة.
وفي ختام حديثنا، الذي أجبنا من خلاله عن السؤال المطروح بداية هل أفكار الوسواس القهري حقيقية؟ يجب أن تعلم عزيزي القارئ أنّ الوسواس القهري يتطلب الصبر وعلاجه يحتاج المتابعة للحصول على نتيجة مرضية وخروج المريض من هذه الحلقة المغلقة والمزعجة، فالأمر لا يتم بخلطة سحرية وإنما هو استمرارٌ لخطواتٍ علاجية متكاملة بغية الوصول إلى حياةٍ صحية مستقرة ومتوازنة.
قد يهمك أيضاً: علاج التهاب الحلق بعدة وأهم الأسباب والأعراض
التعليقات مغلقة.